في خطوة تُعد مفاجئة، أفرجت السلطات المصرية عن الناشط السياسي البارز علاء عبد الفتاح، وذلك بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسط تعليقات محللةين على أنها قد تحمل إشارات سياسية.
وقال الكاتب الصحفي محمد مخلوف، الخبير في شؤون الأمن القومي المصري، في تصريحات خاصة لقناة "RT": إن القرارات في السياسة، كما في التاريخ، لا تُقرأ كأوراق موقعة فحسب، بل كرسائل تُفهم في سياقها الأوسع. وقد يبدو قرار العفو الرئاسي عن علاء عبد الفتاح خطوة إنسانية بحتة، لكنه في جوهره تأكيد على طبيعة العلاقة بين الدولة ومواطنيها، وبين مصر والعالم من حولها.
وتابع: "فالعفو لم يأتِ استجابةً لضغوط غربية حاولت مرارًا فرض إرادتها، بل جاء من داخل البيت الوطني، عبر توصية رسمية من المجلس القومي لحقوق الإنسان. وهنا تكمن المفارقة: فالدولة المصرية تؤكد أنها صاحبة القرار، وأنها تملك شجاعة الإفراج كما تملك قوة العقاب لا عن ضعف، ولا عن مساومة، بل عن ثقة في ذاتها وفي سيادتها".
قرار يستند إلى الدستور
وأشار مخلوف إلى أن القرار الرئاسي بالعفو عن علاء عبد الفتاح، ضمن مجموعة من المحكوم عليهم، صدر بناءً على طلب المجلس القومي لحقوق الإنسان، وليس تحت أي ضغط خارجي رغم أن مثل هذه الضغوط مورست سابقا، لا سيما من الجانب البريطاني، ورُفضت بصرامة. وجاء القرار في إطار دستوري خالص، يعكس فهما عميقا بأن مصر ليست في خصومة دائمة مع أبنائها، حتى أولئك الذين انحرفوا عن المسار الوطني أو القانوني.
وأوضح أن العقوبة التي تُقضى في السجون هي في جوهرها وسيلة لإصلاح وتهذيب الفرد، قبل أن تكون أداة ردع. فإذا لم تؤتِ هذه العقوبة ثمارها، وعاد المحكوم عليه إلى ممارسة ذات الأفعال، فإن المسألة تُعامل كقضية "عود" أي تكرار للجريمة وفق المبدأ القائل: "إن عدتم عدنا". بهذا المعنى، لم يكن الحكم الصادر بحق علاء قد انتهى؛ فالعقوبة ما زالت قائمة قانونا، وما حدث هو عفو عن بقية المدة، دون أي تجاوز أو خروج عن الإطار القانوني أو الإداري المصري.
المجلس القومي كإطار وطني جامع
وناشد مخلوف المجلس القومي لحقوق الإنسان بأن يظل إطارا وطنيا جامعا، لا منبرا لفئة بعينها أو لقضية إعلامية محددة. فجميع المحكوم عليهم بغض النظر عن خلفياتهم — لهم حقوق إنسانية أساسية، ومن واجب المجلس النظر في الحالات المماثلة، لضمان عدم فهم العفو على أنه متعلق بشخصيات سياسية أو إعلامية دون غيرها. فالدولة حين تستجيب، تستجيب لمنطق عام وإنساني، لا لحسابات ضيقة أو انتقائية. والمجلس مطالب دائمًا بتذكير الجميع بأن حقوق الإنسان تشمل الجميع، بلا تمييز ولا تسييس.
نشطاء أم أدوات؟
من جانبه، قال اللواء عادل عزب، مساعد وزير الداخلية ومدير مكافحة الإرهاب الأسبق بقطاع الأمن الوطني في تصريحات لـRT: "السؤال الذي يفرض نفسه: هل من يروج خطابات عدائية، ويُشيع أخبارا كاذبة عن مؤسسات الوطن وفي مقدمتها الجيش يمكن اعتباره مدافعا عن الوطن؟".
وأجاب: "الحقيقة أن بعض من يُطلق عليهم نشطاء يتعاطون منشطات سياسية خارجية، ساهمت بشكل كبير في إماتة ضميرهم الوطني، واستخدامهم كأدوات لتنفيذ جريمتهم الكبرى في حق مصر وشعبها. وكما لا يُفرج القاضي عن أداة الجريمة مع المتهم، بل يأمر بإتلافها حتى لا تُستخدم مرة أخرى، فإن التعامل مع هذه الفئة يجب أن يُبنى على إدراك طبيعتها كأدوات للجريمة، لا كرموز وطنية".
بين سعد زغلول وعلاء عبد الفتاح
واسترجع اللواء عزب ذكرى تاريخية، قائلاً: "الاحتفاء الخارجي بقرار العفو يُذكّر على نحو ساخر بعودة سعد زغلول من منفاه. حينها، ملأ المصريون الشوارع احتفاءً به، لأنه كان رمزا لمعركة وطنية خالصة. أما علاء، فالتهليل بعودته يأتي أساسا من الخارج، لا من الداخل. ولو كان قدّم للوطنية المصرية ما يستحق، لكان الشعب هو من احتفى به قبل غيره".
وجاء قرار السيسي استجابة لمناشدة المجلس القومي لحقوق الإنسان بالعفو عن كل من:
1. سعيد مجلى الضو عليوة
2. كرم عبد السميع إسماعيل السعدني.
3. ولاء جمال سعد محمد.
4. علاء أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح حمد.
5. محمد عبد الخالق عبد العزيز عبد اللطيف.
6. منصور عبد الجابر علي عبد الرازق.
وكان المجلس القومي لحقوق الإنسان قد تقدم بطلب رسمي إلى رئيس الجمهورية، يناشد فيه استخدام صلاحيته الدستورية في منح العفو، وذلك استجابة لمطالبات وردت إلى المجلس من أُسر المحكوم عليهم، تطلب منح أبنائهم فرصة جديدة للعودة إلى حياتهم الطبيعية، والاندماج مجددا في أُسرهم ومجتمعاتهم.
المصدر: RT